مـنـتـديـات بــحر الايـمـان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مـنـتـديـات بــحر الايـمـان

منتديات بحر الايمان الاسلاميه


    سلسلة وجادلهم بالتي هي احسن -6

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 31
    تاريخ التسجيل : 26/11/2009

    سلسلة وجادلهم بالتي هي احسن -6 Empty سلسلة وجادلهم بالتي هي احسن -6

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة أكتوبر 07, 2011 8:04 am

    دار الحكمة في 05 أكتوبر, 2011

    قد ذكرنا في الحلقة الخامسة أنه من المحير أن نطرح هذا السؤال الآن بعد كل المعطيات السابقة والتي تدلل على أن اليهود هم الهكسوس أنفسهم:

    لماذا تنصّل كهنة اليهود كاتبو التوراة من تلك الحقيقة وأعدوها شيئًا مرعبًا فدبروا كل تلك المؤامرات التاريخية التحريفية، والتي لابد أنها قد استغرقت منهم جهدًا وفكرًا وتخطيطًا طويلاً ومنظمًا في الوقت نفسه؟

    والإجابة يسيرة على ضوء المعرفة بالفكر العقائدي اليهودي التوراتي، فالفكرة العقائدية تتلخص في وجود شعب معين مختار إلهيًا، وهذا الشعب مظلوم مضطهد من كل الشعوب التي تجاوره أو تتعامل معه، وهذا الإله الذي اختارهم ينحاز دائمًا لهم وينصرهم في النهاية، وهذا الفكر ممتد منذ دخول اليهود إلى مصر كأقلية مستضعفة ثم نسدل الستار لأربعة قرون ونيف، لتخرج علينا ثانية بوجود هذا الشعب المستضعف الذي يئن تحت وطأة عسف المصريين لا لسبب إلا ربما للجحود والنسيان من قبل المصريين لأفضال هذا الشعب المختار عليهم، والمتمثلة في سياسات يوسف الزراعية والاقتصادية والإدارية.

    وهذه الفكرة سائدة حتى الآن ! فهم الشعب المستضعف في أوربا الذي تقام ضده المذابح المروعة وآخرها (هولوكوست) والتي دوت إعلاميًا، وهم الآن الشعب الديمقراطي الصغير الواقع وسط مئات الملايين من المسلمين البرابرة والذين يريدون تحطيمهم بل وإفناءهم، وهذا ما يصورون به أنفسهم أمام العالم الآن، الشعب المستضعف الخائف وسط عصف البرابرة المسلمين.

    أما القصة الحقيقية المناقضة، والتي تشير إلى كون اليهود هم الهكسوس أنفسهم وقصة الهكسوس معروفة وموثقة، لتضرب إذن تلك الفكرة العقائدية الكهنوتية التوراتية اليهودية في سويداء القلب، فلا هم كانوا بالمستضعفين أثناء وجودهم في مصر، ولا هم كانوا بالأقلية، بل كانوا قومًا عُتاة أذاقوا المصريين الهوان لقرون.

    أما نحن البرابرة، فنعرف الوجه الآخر من القصة، هي أننا آويناهم في بلادنا، ووسط سماحتنا الدينية لقرون طويلة، نالوا فيها الحماية والرفاهية، ثم عندما انقلبت الأحوال استغلوا فترة تاريخية معينة، هبط فيها الأداء الإسلامي أمام قوى الغرب الصليبي، فتحالفوا معهم ضدنا، على الرغم من كونهم ألد أعدائهم تاريخيًا، واحتلوا أراضينا، وأعملوا فينا السيف بأسلوب دموي مرعب، ولا زالوا يحيكون ضدنا المؤامرات لتدميرنا عسكريًا واقتصاديًا وعقائديا.

    وألخص فأقول إن معرفة الهوية اليهودية وإماطة اللثام عن كونهم هم الهكسوس، لحقيقة تضرب أساس الفكر اليهودي في منبعه الأول، ولذا وجب إخفاء الحقيقة بكل الأساليب ليستمر العويل في وجه كل العالم بتهمة مشابهة هي (اضطهاد السامية ومعاداتها).

    وإلى هنا أكتفي بهذا القدر، وأقرر أنه لا توجد ذرة شك في أن اليهود هم الهكسوس تمامًا وليسوا فقط مشابهين لهم أو هم فرقة منهم أو خلافه، ولا شك عندي أن التاريخ المادي إن لم يعترف بتلك الحقيقة يصبح غير منطقي.

    والآن نأتي للسؤال المهم جدًا وهو: من هم بنو إسرائيل؟ وما عقيدتهم؟ ومن الإله الذي يدافع عنهم توراتيًا؟

    إن مراجعة أعمال ما يسمى (مؤرخو التوراة) الذين حاولوا إعادة كتاب التاريخ الإنساني القديم بشكل توراتي بحت، أو بالاستناد الملتوي إلى بعض مستجدات العلوم المستحدثة للتأريخ من منطق وفلسفة وكشوف أثرية ..إلخ، يُرينا أنها لا تعدو محاولات محمومة لإضفاء نوع من المصداقية أو الشرعية على المشروع الصهيوني الحديث في فلسطين، باعتباره امتدادًا طبيعيًا للمشروع القديم (المزعوم)، وذلك بمحاولة إضفاء العقلانية على كل ما هو غير منطقي، مما يتجلى في محاولة ربط وتفسير الأحداث التوراتية الأسطورية بشكل حديث براق، يضفي عليها بعض المنطقية التاريخية؛ حيث إن استعراض تلك المحاولات يرينا بوضوح أن نماذج تلك الكتابات التأريخية قد تغيرت وتقافزت بالتواكب مع تغير الظروف السياسية والحربية والاجتماعية التي سادت في القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين، حيث نراها تنتقل مثلاً من نظرية مشروعية غزو الشعب المختار حامل الرسالة الدينية والأخلاقية لشعوب أخرى منحطة، بل وإبادتها أو تهميشها كما كان الحال في بادئ أمر تلك النظريات، وصولاً إلى نظرية أن هذا الغزو الإسرائيلي لفلسطين لم يكن شاملاً أو جذريًا أو دمويًا كما تشير النصوص التوراتية بشكل مباشر، بل كان تغييرًا اجتماعيًا دينيًا حضاريًا، تم بشكل تدريجي، وبأسلوب إنساني ثوري، شاركت فيه فئات الشعب المطحونة، من وطأة الأنظمة الفاسدة، مستلهمة الروح الثورية التوراتية، هكذا فإن تلك النماذج الأكاديمية الصهيونية قد قفزت من يمين المقياس حيث نظريات التفوق العرقي والديني بما يناظر الفكر النازي، إلى أقصى اليسار بتبني نظرية الفكر الشيوعي الذي قام على مصطلحات الثورة الشعبية الاجتماعية الاقتصادية في وقت واحد، وفي خاتمة المطاف تصب تلك المشاريع بعض الشرعية على قيام دولة إسرائيل الجديدة، بغض النظر عن الوسيلة أو أخلاقيات البحث العلمي.

    وهنا لابد لنا أن نصطدم بسؤال حتمي يحتاج إلى رد صريح من مؤرخي التوراة المصرين على مقولة أن منبع الحضارة الغربية هو دولة اليهود القديمة في فلسطين، وهو: هل يمكن رد الحضارة الغربية إلى المنبع اليهودي، الشرقي، البدوي، والمنغلق عقائديًا وبشريًا، بل والمنبوذ تاريخيًا؟ بل هل يمكن حتى للنموذج المسيحي الذي لم يأخذ طريقه إلى أوروبا إلا بعد صبغه بالصبغة الرومانية أن يدعي هذا التأثير؟ ..

    والإجابة هي: إن المتأمل في أسلوب الحياة الغربية بأنماطها السلوكية السائدة، يستطيع ملاحظة تباعد هذه الأنماط السلوكية العملية النفعية عن النموذج الديني في الكتاب المقدس، كما يستطيع التفرقة والفصل والتباين الواضح بين تأثير الأنماط السلوكية المحلية في زمن الحضارة الإغريقية والرومانية أي قبل المسيحية، وبين الأنماط السلوكية الشرقية النمطية المتمثلة في قصص العهد القديم.

    إن هذه المقولة تتناقض مع ما أجمع عليه كل المؤرخين بلا استثناء بقولهم إن النهضة الأوروبية قامت أو بدأت بفصل الدين عن الدولة العلمانية، فإن نمو الأنماط السلوكية للحضارة الأوروبية الحديثة قد تأثر بعوامل أبعد تأثيرًا من عامل الأديان الوافدة من الشرق الأوسط بشكلها الأصلي، والتي كان لزامًا عليها أن تأخذ صبغة الثقافات الرومانية والإغريقية لكي تندمج في تلك المجتمعات.

    ومن ناحية أخرى، علينا أن نوقن أن قيم إسرائيل اليهودية القديمة كان لابد لها لكي تعبر إلى أوروبا، أن تعبر عن طريق مصر، ليس عن طريق الاحتكاك بمعازل الجيتو المغلقة، ولكن في صورة صياغتها للمسيحية.

    لقد حاول مؤرخو التوراة فرض شرعية ومنطق للحاضر، عن طريق اختلاق وتزوير الماضي، والذي لم يتواجد على أرض الحقيقة يومًا ما، والذي يتم إظهاره دائمًا للعالم حاليًا، بشكل أحادي النظرة، وبصورة يتضح منها أن تزوير التاريخ كان يتم دائمًا ليتلاقى مع معطيات الفرضيات اللاهوتية التي تطرحها التوراة، والتي هي نتاج خيال خصب منحاز ذو أغراض مادية، وها هي مرتكزات هذا التأريخ التوراتي تتهاوى واحدة تلو الأخرى أمام مستجدات كثيرة مستحدثة، ولم يبق لانبلاج الحقيقة سوى كشف الستار الديني الأسطوري لتلك الأساطير التاريخية من حيث المنشأ والتطور والأسلوب والهدف.

    وللحديث بقية

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 3:05 am